بعد ثمانية شهور على تألق المنتخب المغربي لكرة القدم في مونديال قطر 2022، بعدما أصبح أول منتخب عربي وإفريقي يصل الى نصف نهائي أكبر مسابقة منتخبات في العالم، فان منتخب السيدات سار على المنوال ذاته ليصبح أول منتخب عربي يشارك في نهائيات المونديال، بل ويتأهل الى الدور التالي عقب المفاجأة المدوية على حساب المنتخب الألماني المرشح القوي للقب، ليستمر التألق الرياضي المغربي في الساحتين القارية والعالمية، بمختلف الفئات السنية وأيضاً على صعيد الأندية.
وتمنّي سيدات المغرب النفس بترك بصمة تاريخية والذهاب بعيداً في العرس العالمي، فبعد تسلحهن بإنجازهن على أرضهن في نهائيات كأس أمم إفريقيا العام الماضي عندما بلغن المباراة النهائية وتأهلن إلى أولمبياد باريس 2024، ضمنت "لبؤات الأطلس" البقاء على مسار تشريف الكرة المغربية في أول مشاركة في المونديال. وللمفارقة، فإن المغربيات سيواجهن فرنسا في الدور المقبل الثلاثاء المقبل، في فرصة أخرى للثأر لـ«أسود الأطلس» الذين أقصاهم منتخب «الديوك» من نصف نهائي المونديال القطري.
هذا التألق المغربي قد يكون مفاجئاً لكثيرين، لكن لا شك أن وراءه الكثير من الإعداد والتخطيط والتطبيق السليم، بل والإيمان العميق بالقدرات الذاتية على إنتاج المواهب، على عكس الاعتماد في التألق على مواهب ولدت وترعرعت خارج المغرب، لهذا لم يكن الأمر مفاجئاً لكثيرين من المتابعين لهذه الخطوات، فقبل التألق المونديالي للرجال والسيدات، تبقى سنة 2022، مميزة في سجل الكرة المغربية، بعد النجاحات التي حققتها الأندية وكذلك المنتخبات في أهم المسابقات التي شاركت فيها والتي جعلت المغرب يتميز إثر هيمنته أفريقياً ثم التألق عالمياً. وأيضا بعد تألق فرقه المحلية، كنجاحات الوداد في دوري أبطال أفريقيا، وكذلك نهضة بركان في كأس الاتحاد الأفريقي، قبل أن يؤكد منتخب المغرب هذا التميز بحلوله رابعاً في المونديال، حيث كتب أفضل صفحة في سجل الكرة العربية وكذلك الأفريقية، حيث لم يسبقه أي منتخب إلى هذا الدور، ونحت هذه المسيرة البطولية على مرّ السنوات، ورغم أن بعض المنتخبات كتبت سابقاً صفحات مضيئة مثل نجاح منتخب تونس في تحقيق أول انتصار عربي وأفريقي في المونديال عام 1978، أو تألق الكاميرون التي بلغت ربع النهائي سابقاً، فإن منتخب المغرب جمع بين الأداء المقنع والنتائج المميزة.
كانت نسخة 2022 من دوري أبطال أفريقيا قوية بوصول أندية قوية إلى نصف النهائي، ولكن النهائي كان مختلفا، بعد كل ما رافقه من جدل بخصوص إقامة المباراة، ولكن في النهاية كان النجاح للوداد الذي استفاد من وجوده أمام جماهيره، لكن الحظ عانده في نهائي هذا العام، وأيضا أمام المنافس ذاته، الأهلي المصري. كما برز فريق نهضة بركان في السنوات الماضية بنجاحه في مسابقة كأس الاتحاد الأفريقي، وبات مختصا في هذه المسابقة إلى أن أكمل عقد نجاح المغاربة بحصوله على اللقب الموسم الماضي، وواجه الوداد في «السوبر» الأفريقي في واحدة من أكبر نجاحات الكرة المغربية في السنوات الماضية، بما أنه من النادر أن يلعب فريقان من بلد واحد في «السوبر»، والى جانب نجاح منتخبات فرق الخماسية والفئات السنية، وأيضا فريق السيدات، فان رئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع قال في كلمة: «باسم مكونات الكرة المغربية نشكر الملك محمد السادس على العناية الخاصة التي يُحيط بها الرياضيين والشباب بصفة عامة. ما وصلت إليه الكرة المغربية اليوم هو نتيجة عمل متبصر وضع أسسه الملك».
وأضاف: «الملك محمد السادس منذ أكثر من 10 سنوات أشرف وشيد ومول مشروع أكاديمية محمد السادس التي أصبحنا اليوم نجني ثمارها، بعد تألق بعض اللاعبين داخل المنتخب الأول من خريجي الأكاديمية جاء الدور على منتخب أقل من 17 سنة»، وكان ذلك بعد الإنجاز القاري الأخير ببلوغ نهائي كأس إفريقيا في الجزائر، والتأهل إلى نهائيات كأس العالم لهذه الفئة. وأكمل لقجع في كشف سر هذا التألق غير المسبوق لكرة القدم العربية: «يُعتبر هذا المشروع العمود الفقري والهيكل الأساسي لتطوير الكرة الوطنية، وما وصلنا إليه اليوم هو جزء صغير مما نسعى إليه، وهذا اعتراف بسيط تُجاه رؤية ملكية وثورة رياضية يقودها الملك العظيم محمد السادس لشعب عظيم حضارته تمتد لأكثر من 12 قرنا».
قد يكون الامر مجرد شكر وعرفان فيه قدر كبير من المجاملة، باهتمام الملك، لكن هذا ربما يكون مؤشراً كافياً لمعرفة أن الأمر الملكي يقود إلى الالتزام في السير في طريق صعب، وبإنشاء الأكاديمية في عام 2009 في مدينة سلا، فإن الهدف الأساسي كان اكتشاف المواهب الكروية ومساعدة لاعبي كرة القدم على الوصول إلى هدفهم واللعب في دوري احترافي، وبالتالي خدمة المملكة بتكوين منتخبات قوية تشرف البلاد في المحافل العالمية، وهو بالضبط ما حدث في العامين الأخيرين، أي أنه بعد نحو عشر سنوات من تأسيس هذه الأكاديمية بدأنا نرى الثمار، ورفع المغاربة رؤوسهم عالية في أكبر المحافل العالمية… مبروك «لبؤات أطلس».
أنقر هنا لقراءة المقال من مصدره